الأربعاء، 16 ديسمبر 2009

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة الناشر

محمّد المكيّ بن مصطفى بنعزوز البرجيّ البحرجيّ الطولقيّ الجزائريّ ؛

عَلَم تفخر بانتسابه إليها الجزائر وتونس، وقد نضيف إليهما تركيا، إذ من الأولى أصله وتوجيهه، وفي الثانية نشأته وتحصيله، وفي الأخيرة تعليمه ووفاته.

يقول عنه عادل نويهض في كتابه «معجم أعلام الجزائر» بأوجز عبارة، وأجمعها لمراحل حياته: ( أديب شاعر، قاض، عالم، بالفقه والحديث، له اشتغال بالسياسة، أصله من مدينة طولقة في الجنوب الشرقيّ للجزائر، في شمال الصحراء، رحل والده إلى مدينة نفطة بتونس، وولد هو بها، وتعلّم بجامع الزيتونة، وولي الافتاء بنفطة ثمّ قضاءها، دعا إلى مقاطعة فرنسا اقتصاديّا في الجزائر أثناء زيارته لها، فأمرت سلطات الاحتلال بالقبض عليه، وطاردته في الجزائر وتونس، فرحل إلى الآستانة سنة 1313 هـ، عيّنه السلطان عبد الحميد مدرّسا للحديث والفقه في دار الفنون، وكانت له شهرة كبيرة في العالم الإسلاميّ ... ).

وفي تعريف خير الدين الزركليّ له، في كتابه «الأعلام»، يغضّ النظر عن أصله الجزائري مكتفيا بوصفه القاضي الفقيه الباحث، ثمّ يتطرّق بعد ترجمة موجزة إلى سرد عناوين تآليفه التي سترد فيما بعد في التقديم، حاذيا حذو الأستاذ عمر رضى كحالة، بقصر نسبته على تونس في «معجم المؤلّفين»، والأستاذ محمّد بن محمّد مخلوف، في كتابه «شجرة النور الزكيّة في طبقات المالكيّة»، الذي قال عنه: ( ... هو إمام نشرت ألوية فضله على الآفاق، وفاضل ظهرت براعة علومه فتحلّى بها الفضلاء والحذّاق ... ).

بينما يقرّ الشيخ محمّد الفاضل بن عاشور في كتابه «تراجم الأعلام»، بالأصل الجزائري له، حين قال: ( ... ودعاه إلى القطر الجزائريّ نازع العرق ورحم الخؤولة وصلة العرين يسافر متردّدا عليه ... ) بعد أن قال عنه: ( ... شخصيّة تونسيّة من أبرز عناوين العلم والفضل والنبل بين القطرين التونسيّ والجزائري ... ) ويضيف لمن قال بأنّ تحصيله العلميّ كان فقط في تونس: ( ... واتصل هناك بالأستاذ المربي الأشهر الشيخ محمّد بن أبي القاسم فاتّخذه شيخ سلوك وتربية وتوجيه .... واتّصل بعلماء الجزائر وأخذ عنهم، ثمّ رجع إلى تونس مكتمل الصبغة الصوفيّة السنيّة الأدبيّة، فكان معدودا في طليعة الأدباء الشعراء، متعلّقا بمنهج الرواية والإسناد وخدمة السنّة، مقبلا على ما كاد يعدّ منقطعا من علوم الرياضيّات ... ).

ويقول فيه الشيخ المحدّث محمّد عبد الحيّ الكتانيّ، في كتابه «فهرس الفهارس والأثبات» : ( هو صديقنا الإمام العلاّمة المحدّث المقريء الفلكيّ الفرضيّ الصوفي المسند الشهير الشيخ أبو عبد اللّه سيّدي محمّد المكيّ بن وليّ اللّه سيّدي مصطفى ابن العارف الكبير أبي عبد اللّه محمّد بن عزّوز البرجي... ) والبرجيّ هنا نسبة إلى برج بن عزّوز القرية المحاذية لمدينة طولقة. ويضيف: ( ... هذا الرجل كان مسند إفريقية ونادرتها، لم نرَ ولم نسمع فيها بأكثر اعتناءً منه بالرواية والإسناد والإتقان والمعرفة، ومزبد تبحّر في بقيّة العلوم، والاطّلاع على الخبايا والغرائب من الفنون والكتب والرحلة الواسعة وكثرة الشيوخ، إلى طيب منبت وكريم أرومة، وكان كثير التهافت على جمع الفهارس وتملّكها ... )، ثمّ يقول: ( ... وأعجب ما كان فيه الهيام بالأثر، والدعاء إلى السنّة، مع كونه كان شيخ طريقة، ومن المطّلعين على الأفكار العصريّة، وهذه نادرة النوادر في زماننا هذا الذي كثر فيه الإفراط والتفريط، وقلّ من يسلك فيه طريق الوسط، والأخذ من كلّ شيء بأحسنه ... ).

ويستشهد الكتاني بما حلاّه به شيخ الإسلام أحمد بن السيّد زيني دحلان المكيّ الشافعيّ بقوله: ( ... قد اشتهر في الأقطار بلا شكّ ولا مين، ولا سيما الحرمين الشريفين، بالعلم والعمل، نخبة العلماء الأعيان وخلاصة الأعيان من ذوي العرفان، سراج إفريقيّة، بل بدر تلك الأصقاع الغربيّة، الأستاذ الكامل ... ) ويعقّب الكتانيّ قائلا: ( ... وهذه الحلا نادرة من مثل الشيخ دحلان ... )، ثمّ يضيف ما قاله فيه عالم الطائف العلاّمة عبد الحفيظ بن عثمان القاري الحنفي:

إن كان فينا قائم فهو الذي * بالعلم يرقى ذروة الجوزاء

في أبيات مدح بها الشيخَ محمّد المكيّ ليخلص إلى استفتائه.

ويختتم الكتّاني الترجمة قائلا : ( ... طالت مكاتبتي ومراسلتي معه، واتّصالي به إلى أن مات، بحيث لو جمعت المكاتبات التي جرت بيني وبينه لخرجت في مجلّدة متوسّطة، وكلّما ذكرت موته أظلمت الدنيا في عيني ... ).

ويقول الأستاذ محسن زكرياء، في مقدّمة «عقيدة الإسلام»، لشاعرنا: ( ... هو بدر طالع في سماء العلماء الأعلام أشرق نوره في عالم الإسلام فلا يفارقه التمام ... العلاّمة الجليل المسند الثبت الحجّة ... ).

هذا هو ابن عزّوز عند المشارقة والمغاربة. فليت شعري كيف هو بين أهله.

لعلّ أحسن ترجمة له، تلك التي وردت في كتاب «نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة»، للأستاذ محمّد علي دبّوز، إذ يقول، بتصرّف واختصار: ( ... من علماء الجزائر الصالحين الذين ساعدوا على نهضتها، وتركوا أثرا عميقا فيها، وكانوا نارا على الاستعمار والمستعمرين. كان رحمه اللّه متخصّصا في علم الحديث، وكان أكبر راوية فيه، كما كان علاّمة في فروع الشريعة الأخرى، وفي علم الفلك، وكان يزور الجزائر في كلّ عام من مقرّه في تونس، فيقضي شهورا يروي الحديث ويعظ النّاس ويرشدهم ويدعوهم إلى النهوض والأخذ بأسباب القوّة للتحرّر من الاستعمار. هذا العالم الجليل لم يتزعّم النهضة في الجزائر ولكنّه كان السحاب المبارك الذي يخيّم على المكان ساعة فيملؤه بمائه وحياته ... ).

وإذا كان الدكتور سعد الله قد تعرضّ للشيخ محمّد المكيّ ابن عزوز في كتابه «تاريخ الجزائري الثقافي» زهاء أربعين مرة، في خمسة أجزاء، فإنّه لم يفرد له فصلا خاصّا بحياته، مع أنّه حضّ على ذلك نفسه وغيره، ربّما اكتفاء بما كُتب عنه، أو سهوا منه ... وإذا اخترنا فقرات منه، فلتكن، بتصرّف، الآتية:

( ... إذا تحدّثنا عن جزائريّة المكيّ بن عزّوز فإنّنا نفعل ذلك لنذكّر الجيل الجديد بأجداده الذين ضربوا في الأرض مراغمين والذين أجبرهم الاحتلال على العيش في المنافي ... ).

( ... ومن أكبر الوجوه التي ظهرت في هذه الأسرة نذكر المكيّ بن عزّوز الذي كان من أعلام عصره ... ).

( ... كذلك حلّت باسطنبول شخصيّات من أصول جزائريّة من أجل تجنيد التأييد العثماني لقضيّة الجزائر والمغرب العربيّ عموما ... ومن تلك الشخصيّات الشيخ المكيّ بن عزّوز، الذي ذاع صيته كعالم وشاعر وسياسيّ ومتصوّف ... ).

( ... وفي سنة 1913 أنشأ الشيخ المكيّ بن عزّوز في المدينة المنوّرة جمعيّة الشرفاء، وكانت تعمل على خدمة مباديء الجامعة الإسلاميّة، ويتّهمها الفرنسيّون بأنّها كانت تعمل على إثارة جنوب الجزائر ضدّهم ... ).

وأخيرا؛ لا نصدر عن هذه الفقرات إلاّ باستذكار ما قاله عن محمّد المكيّ أحد أكبر وجوه العلم والأدب في العالم العربي والإسلامي في عصره، وهو ابن أخته، وتلميذه، العالم الأديب الباحث الشاعر، محمّد الخضر بن الحسين، الجزائري الأصل أيضا، وهو من هو، عضو مجمع فؤاد الأول للغة العربيّة، وشيخ الأزهر، وناقض كتاب «في الشعر الجاهلي» للدكتور طه حسين، حين وقف على قبر خاله محمد المكي بالآستانة، قادما إليها من ألمانيا بعد شهرين من وفاته، حيث قال، في ديوان شعره «خواطر الحياة»:

رُبّ شمس طلعت في مغربٍ وتوارى في ثرى الشرق سناها

ههنا شمس علوم غربت بعد أن أبلت (بترشيش) ضحاها

بفؤادي لوعة من فقدها كلّما أذكره اشتدّ لظاها

فقفا لمحة طرف نقتني عِبَراً من سيرة طاب شذاها

أيّها الراحل قد روّعتنا بفراق حرم العين كَراها

لك نفس سرّحت همّتها في مراعي العلم من عهد صباها

صاعرت للّهو خدّا ورأت في ذُرا العلياء أهداف هواها

تتباهى البيض في يوم الوغى بظبا مرهفة لا بحلاها

وحجا أشرف من عليائه يجتلي زُهر الدياجي وسُهاها

غبتُ في ذكرى ليال غضّة وثب الدهر عليها فطواها

إذ رُبا (نفطة) تزهى في حلى زهرها الريّان من خمر نداها

وظلال بين دوح ناضر ونهور يبهر الكأس صفاها

وطيور الأيك في أغصانها تخطف السمع بأنغام لُغاها

بين هاتيك الرُبا لقَّنتَنا أدب العرب كتابا وشفاها

وترحّلت إلى تونس في نعمة المغبوط إقبالا وجاها

صغت بالتدريس أطواقا شبا درّها بالجامع السامي فتاها

أينما كنتَ تداعت أممٌ تتملّى روضة يحلو جناها

من علوم اللغة الفصحى إلى حكمة الشرع إلى علم سواها

لغة العرب ثقاف للنهى وعلوم الدين نبراس هداها

وتفاءلتَ فأزمعت النوى وبأستنبول ألقَيتَ عصاها

ألقِيتَ الأنس في أرجائها مثلما تلقى بها ريح صباها

زرتُ مَغناك ومن سُمّارك الـ ـقلم الباحث في سُنّة طه

ورجال بعثوا أرواحهم في قراطيس تناجي من وعاها

لم تعش فيها غريبا فَقَرا بَة أهل النبل أحكمتَ عُراها

عرّج الناعي على أندية كنتَ إن وافيتَها قُطبَ رحاها

ودرت (دار الفنون) النعي من صبحها الطالع في لون دجاها

طِب مقاما يا (ابن عزّوز) فقد كنت تعطي دعوة الحق مناها

هذا ما اطّلعت عليه عند أهله، وأرجو أن يكون أكثر، والأهمّ من هذا دراسة أعماله، ونشر ما لم ينشر منها.

وختاما أنبّه من يرى أنّ الشعر يزري بالعالم ويحطّ من قدره، إلى مراجعة أخبار العلماء، فلسوف يجد من الصحابة من كان شاعرا كحسّان ولبيد، ومن الأئمّة الشافعيّ، ومن الفقهاء والمحدّثين العسقلانيّ والإسفرايينيّ والواسطيّ وغيرهم ممّا يتعذّر حصره، أمّا السادة الصوفيّة، وهو واحد منهم، فحدّث عن البحر ولا حرج، وإن تساءل عن الغزل، فأنقل له باختصار وتصرّف، شيئا ممّا كتبه الأستاذ الدكتور مصطفى الشكعة في تقديمه لديوان الشيخ محمّد الغزالي «الحياة الأولى»، حيث قال:

( ... الفقهاء بشر لهم قلوب تخفق ونفوس تعشق وجوانح يضنيها العشق ويسهرها الغرام ... وهذا فريق من العلماء العشّاق، ليسوا من الكثرة بمكان، بحيث يشكّلون ظاهرة في مجتمع العلماء، ولكنّهم وجدوا على أيّة حال، وذاع شعرهم وشاع غزلهم، وردّدته ربّات الخدور، مثلما رجّعته ألسنة الرجال. كان عبيد الله بن عتبة بن مسعود واحدا من هؤلاء الشعراء الفقهاء العشّاق، وهو فقيه إمام من صفوة التابعين، قال:

كتمت الهوى حتّى أضرّ بك الكتم ولامك أقوام ولومهم ظلم


... في أبيات،

وهذا المحدّث الثبت عروة بن أذينة، الذي روى عنه الإمام مالك، يقول:

إنّ التي زعمت فؤادك ملّها
بيضاء باكرها النعيم فصاغها
ومن طريف ما أنشأ:

قالت وأبثثتها وجدي فبحت به
ألست تبصر من حولي فقلت لها

خُلِقت هواك كما خُلقتَ هوىً لها
بلباقة فأدقّها وأجلّها

قد كنت عندي تحبّ الستر فاستتر
غطّى هواكِ وما ألقى على بصري

وها الذي لقّب بالراهب لنسكه، فقيه فقهاء مالكيّة العراق، أحمد بن المعذّل قال:

أخو دنف رمته فأقصدته
أصبن سواد مهجته فأضحى
كئيب إن تحمّل عنه جيش

سهام من لحاظك لا تطيش
سقيما لا يموت ولا يعيش
من البلوى ألمّ به جيوش

وأما المحدّث الحافظ ابن حجر العسقلاني فقد فقال في زوجته:

أشاغل نفسي بالحديث تعلّلا

نهاري وفي ليلي أحنّ إلى ليلى

هذا؛ ولمن شاء المزيد استزاد من كتب الأدب، كالعقد الفريد وعيون الأخبار، ونهاية الأرب وغيرها، أو ليرجع إلى هذه المقدّمة الجديرة بأن تنشر مستقلّة، وأرجو أن تلبّي هذه القطوف حاجة ذائق وإن كانت في غير قطاف، فالأمل الباعث على ترديدها دفع الهمم إلى نشر تراث أولئك الرجال.

وربّما أكون قد أطلت هذه الكلمة على من استطالها، وإن كانت في حق صاحبها موجزة، وما ذاك إلاّ ولاء لهذا العلم الشامخ وعرفانا وتقديرا.

وأثني هذه الورقة منوّهاً بصديقي الأستاذ عبد الحليم صيد، مثال الباحث الجادّ المثابر، الذي يغنم ـ ولا أقول يفني ـ معظم وقته في البحث والجمع والتأريخ للهداة من رجالات هذا الوطن العزيز الثري بالمآثر وآثار الرجال، باذلا جهده لتبليغها للأجيال، بوسائل الإعلام المتاحة، كحصّته الإذاعيّة (أعلام من الزيبان)، وكتابه «أبحاث في تاريخ زيبان بسكرة»، و«محاضرات ومقالات»، يضاف إلى ذلك مقالاته التاريخيّة العديدة المنشورة في مختلف الصحف الجزائرية، فضلا عن عمله الأدبي التاريخي العلمي هذا الذي بين أيدينا ... أسأل الله له ولكلّ المخلصين النجح والتوفيق. وفي هذا لا يسعني إلاّ أن أثمّن برنامج وزارة الثقافة الجزائرية الرامي إلى تشجيع صناعة الكتاب في الجزائر، على العموم، ونشر تراثنا على وجه التحديد، فلكلّ العاملين جميل الشكر ووافر التقدير.

الناشر

محمد فؤاد القاسمي الحسني

ديوان البرجي محمد المكي بن عزوز

عرض : الأخضر رحموني


إصدارات جديدة : ديوان البرجي محمد المكي بن عزوز عرض :الأخضر رحموني

عن دار الخليل القاسمي للنشر و التوزيع و بدعم من وزارة الثقافة في إطار الصندوق الوطني لترقية الفنون و الآداب صدر مؤخرا ديوان البرجي للشيخ محمد المكي بن عزوز البرجي الطولقي جمع ودراسة الأستاذ عبد الحليم صيد .

الكتاب يعد إضافة جديدة للمكتبة العربية في الميدان الشعري نظرا لكون الشاعر من الوجوه العلمية و الأدبية البارزة في عصره .

يقع الديوان الذي جاء في حلة أنيقة مجلدة في 400 صفحة من الحجم الكبير مقاس25.3*17.3سم

استعرض الناشر في كلمة التصدير شخصية محمد المكي بن عزوز الذي يعد من الأعلام الذين تفتخر بانتسابه إليهما الجزائر و تونس و قد تضاف تركيا، فمن الأولى أصله و توجيهه و في الثانية نشأته و تحصيله و في الأخيرة تعليمه ووفاته و هذا من خلال ما نشر حوله في المشرق و المغرب العربي في كتب التراجم منها :

- (معجم أعلام الجزائر ) للأستاذ عادل نويهض

- (الأعلام ) لخيرالدين الزركلي

- - (تراجم الأعلام) للشيخ محمد الفاضل بن عاشور

- - (فهرس الفهارس و الإثبات ) للشيخ محمد عبد الحي الكتاني

- - (عقيدة الإسلام ) تقديم الأستاذ محسن زكريا

- - (نهضة الجزائر الحديثة و ثورتها المباركة ) للأستاذ محمد علي دبوز

- - (تاريخ الجزائر الثقافي ) للدكتور أبي القاسم سعد الله

- و نوه في ختام الكلمة بالأستاذ عبد الحليم صيد الذي ( يغتنم معظم وقته في البحث و الجمع و التأريخ للهداة من رجالات هذا الوطن العزيز الثري بالمآثر باذلا جهده لتبليغها للأجيال ).

- للتعريف بالشاعر محمد المكي بن عزوز توقف الأستاذ عبد الحليم صيد عند عدة محطات بارزة في حياته من مولده سنة 1854 في مدينة نفطة بالقطر التونسي إلى غاية وفاته سنة 1915 بمدينة اسطنبول بتركيا ،حيث تولى الإفتاء و القضاء بنفطة و التدريس بجامع الزيتونة المعمور بتونس كما درس أيضا بدار الفنون و مدرسة الواعظين بتركيا . و قد رثاه العلماء و الأدباء من مختلف أقطار العالم الإسلامي منهم ابن أخته العلامة محمد خضر حسين و الشيخ الطيب العقبي .

- كما ذكر القارئ بمؤلفات محمد المكي بن عزوز المطبوعة و المخطوطة و التي بلغت 108 مؤلفا في علوم شتى منها الفقه و الحديث و التوحيد و التصوف و الفلك و القراءات بزيادة خمسة عناوين لم يتم الإشارة إليها في المراجع السابقة .

- وللأمانة العلمية كشف عن مصادر و مراجع هذا الديوان التي استقى منها القصائد و هي :

- - (ديوان المكي بن عزوز ) جمع و نسخ الشيخ الصادق بلهادي العقبي .

- - كتاب (محمد المكي بن عزوز حياته و آثاره ) للأستاذ علي الرضا الحسيني

- - كتاب (مجموع الرسائل ) جمع الأستاذ علي الرضا الحسيني.

- - كتاب (الزهر الباسم في ترجمة الشيخ محمد بن أبي القاسم ) للشيخ محمد بن الحاج محمد الهاملي .

- - قصيدتان مخطوطتان قدمهما الأستاذ محمد فؤاد القاسمي الحسني للمؤلف

- - (السيف الرباني في عنق المعترض على الغوث الجيلالي ) للمكي بن عزوز .

- - ( تعطير الأكوان بنشر شذا نفحات أهل العرفان ) للشيخ محمد الصغير الجلالي .

- - قصيدة مخطوطة من مكتبة الشيخ عبد المجيد حبة .

-

- و بعد تحليل جملة من القصائد استنتج المؤلف أن شعر المكي بن عزوز جيد السبك حسن العبارة سلس الألفاظ يتراوح من الجيد إلى الحسن خاصة أن الرجل عالم بالدرجة الأولى متخصص في علوم الدين لذلك جاء شعره مصطبغا بصبغة علمية و أخرى دينية مما أفقده في بعض المواضع الصور الفنية الموحية .

- الديوان قسم حسب الأغراض الشعرية التي تناولها الشاعر في قصائده و هي ستة أقسام منها التصوف و المدح و الرثاء و الإخوانيات و التقاريظ والمتفرقات .و بعملية إحصائية فإنه يحتوي على 59 قصيدة و 08 مقطوعات تقع كلها في 2063 بيتا ،مع تحديد الأوزان الشعرية لكل قصيدة نظرا لخلوها من ذلك في أغلب المصادر .

- و في ملحق النصوص أثبت المؤلف قصيدتين (البائية ) و (نفح المواسم ) و هما بخط الشاعر نفسه،و باعتبارهما من القصائد النادرة مع ( الاستغاثة ).

- للإشارة فإن الأستاذ عبد الحليم صيد من مواليد 14/11/1968 ببسكرة باحث في تاريخ منطقة الزيبان و أعلامها وله اشتغال بالحديث النبوي

- متعاون منتج بإذاعة بسكرة الجهوية و صاحب برنامج أسبوعي (أعلام من الزيبان ).

- . .صدر له:- كتاب (أبحاث في تاريخ زيبان بسكرة )/ صدر سنة 2000

- - مجموع محاضرات و مقالات الشيخ عبد القادر عثماني /صدر سنة 2005

- - ديوان الشيخ عبد المجيد حبة /صدر بالإشتراك سنة1997

-

- من أعماله المخطوطة :

- - جولات في الفن الإسلامي

- - الأناشيد المدرسية لتلاميذ المدارس الأساسية

- - معجم أعلام الزيبان -

- - الشيخ عبد الرحمن الأخضري حياته و آثاره .

نقلا عن:

http://www.echoroukonline.com/montada/showthread.php?p=917536

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2009

مقدمة في فهرسة المخطوطات

بقلم محمّد فؤاد القاسمي الحسني

منهجنا في الفهرسة

بداية؛ ننبّه إلى أنّ وصف المخطوط هو بمثابة البصمة له، التي تدلّ عليه هو نفسه، ولا يمكن أن يتكرّر نفس الوصف الدقيق لأكثر من مخطوط إلاّ في النادر والنادر جدّا، فإذا اتفقا في المقاييس يختلفان في الخطّ، وإذا اتّفقا في الخطّ يختلفان في نوع الورق، دواليك حتّى لا تكاد تجد نسختين متطابقتين إلاّ في المطبوع.

ونذكّر بأنّ وصف المخطوط ينبني على معلومات ثابتة، بها يكون المخطوط مخطوطا، وأخرى متغيّرة إذا صحّ التعبير، قد تكون فيه وقد لا تكون. أمّا الثابتة، فوجود النصّ المكتوب، بموضوعه وفنّه، وبدايته ونهايته مهما كانا، على ورق معيّن بنوعه وعدده، وبمقاييس ومسطرة وخطّ ما. أمّا المتغيّرة التي قد تُفتقد أحيانا، فهي العنوان والمؤلّف والناسخ وتاريخ النسخ ومكانه، وهذه يجتهد المفهرس في التوصّل إليها بالمراجع والمقارنة والتحقيق والتدقيق، وربّما بثقافته العامّة في معرفة الكتب وأصحابها وفنونها، وبخبرته في معرفة أنواع الورق والخطوط وتواريخها التي يقدّر بها زمن المخطوط. وعلى هذا؛ كان وصفنا للمخطوط كالآتي:

ü العنوان: أثبتنا الذي ورد في نصّ المخطوط، فإن لم يكن، فالذي في كشف الظنون، ثمّ إيضاح المكنون، ثمّ تاريخ بروكلمان، فإن لم يكن فيما سبق تابعنا ما وجد في فهارس المخطوطات العربيّة التي بحوزتنا، فإن لم يكن في كلّ ذلك اعتمدنا على أعلام الزركليّ، مع الملاحظة. وإذا افتقدناه في هذه المراجع تماما، فما كتب عليه خارج النص، لأحد مالكيه أو قارئيه أو مقابليه، وأعلمهم ـ حسب شهرته أو تقييداته ـ مقدّم على غيره، ورجّحنا هذا الاحتمال الأخير على المشهور في حالات قليلة، منها على سبيل المثال: الشرح الكبير لمختصر خليل للخرشي، قيّدناه تحت عنوان المواهب الجليلة المستنبطة من كلام كلّ جليل ... ثمّ نشير إلى ذلك، ونجعله في الإحالات. كما فضّلنا إدخال اسم الشارحين والمحشّين ـ أي أصحاب الحواشي ـ في بعض العناوين، التي لم يضعوا هم لها عناوين مميّزة، وإنّما اشتهرت بشرح كذا، وحاشية على كذا, ولاسيما في الشروح المتعدّدة لنصّ واحد، ومثال ذلك قولنا: شرح السلّم المرونق للأخضري، شرح السلّم المرونق للملوي، شرح السلّم المرونق لقدّورة، وأيضا شرح الخلاصة لابن عقيل، شرح الخلاصة للمكّوديّ. وبالنسبة للحواشي، نقول: حاشية الفيشي على مخصر خليل، حاشية الرومي على شرح عصام لرسالة الوضع للإيجيّ. وهذا تسهيلا للباحث معرفة المحشّي وعلى أيّ شرح كانت الحاشية ولأي كتاب كان الشرح.

ü اسم المؤلّف: أثبتناه كما ورد في أعلام الزركليّ، مع إضافة الكنى والألقاب والنسب التي نجدها في غيره، ملتزمين في تاريخ الميلاد والوفاة بالزركلي، وإذا كان اختلاف معه في غيره لاحظناه، وإذا وجدنا معلومات أدقّ في نصّ المخطوط رجّحناها مع الملاحظة والتنبيه، كتصحيحنا لابن عاصم، وأبي البقاء. ونشير إلى أنّ ذكر تاريخ واحد بعد اسم المؤلّف، يعني سنة الوفاة لا غير.

ü أوّل المخطوط: إذا كان من الكتب المشهورة أو المنشورة، اقتصرنا على كلمتين أو ثلاث من بدايته ولا سيما إذا كان كاملا، للدلالة على تمامه فقط. أمّا إذا كان غير ذلك فننقل السطر والسطرين، وقد نجعل نقاطا لننتقل إلى فقرة أخرى يتميّز بها، وهذا لتسهيل المقارنة، في حالة وجود نسخة أخرى منه غير منسوبة، ليتأكّد المفهرس والباحث من تطابقهما، وبالتالي يعرف نسبته. كما أنّنا اكتفينا بنقل هذه البيانات عن النسخة الأولى فقط في حالة تعدّد النسخ، إلاّ إذا كان في النسخ الأخرى نقص، وكذلك بالنسبة لنهايته.

ü آخر المخطوط: ذكر نهاية المخطوط يدلّ على تمامه بالدرجة الأولى، ثمّ هو محاولة لتيسير نسبة الكتب إلى مصنّفيها، أو تاريخ كتابتها، فلو كان في فهارس المخطوطات ذكر للنهاية، لتيسّرت لنا نسبتها بالمقارنة، خصوصا إذا كانت النسخة موضوع الدراسة ناقصة الأوّل.

ü الناسخ وتاريخ النسخ ومكانه: هذا المجال من المتغيّرات كما أسلفنا، فكثيرة هي المخطوطات التي تفتقر إليه. والغالب هو وجود اسم الناسخ، وأقلّ منه تاريخ النسخ، والنادر هو ذكر مكان النسخ. وضبط اسم الناسخ من الضروريّات إن وجد، فربّما لم يؤرّخ في نسخة، ووجدناه، في هذه الفهرسة أو في غيرها مؤرّخا، فيكون بذلك تاريخ النسخ للنسخة الأولى معروفا على وجه التقريب. ولهذا عمدنا إلى إدراج كشّاف باسم الناسخين.

ü الخطّ: نسمّيه ما عرفناه كالنسخ والثلث والرقعة والفارسيّ ونستعليق والأندلسيّ، أمّا الخطوط المغربيّة، فللأسف، لم نظفر بمرجع يصنّفها، فاكتفينا بتمييز الجيّد منها والمتقن، وحسب. مع أنّنا بحكم التعامل معها لاحظنا الفوارق بين التونسيّ، والجزائريّ، والمغربيّ، ولكنّ أهل الاختصاص يميّزون حتّى بين القيروانيّ والبجائيّ والتلمسانيّ والفاسيّ وما إلى ذلك. حسب ما عرفناه أثناء تربّصنا. ونحن لافتقار المراجع والخبرة الكافية لم نر الخوض في هذا إلاّ مجازفة وتطاولا.

ü المداد: نصفه وصفا شكليّا بسيطا مع ذكر الألوان إن لم تتعدّد كثيرا. والصمغ، لمن لا يعرفه ـ وهو غالب في المخطوطات المغاربيّة ـ يصنع من الوذح وهو صوف آباط الغنم، ويكون لونه بنيّا.

ü الأوراق: نذكر عدد الأوراق كاملا، إذ بعض المخطوطات ـ وقليلة هي ـ تكون فيها بعض أوراق غير مكتوبة، ونشير إلى ذلك إذا فاق عددها العشر.

ü المسطرة: أو الأسطر؛ المخطوطات المنمّقة والمتقنة مسطرتها واحدة، وكثيرة هي المخطوطات التي تختلف مسطرتها، وخصوصا ما اصطلح عليها بالمخطوطات المدرسيّة، أو المتون، فقد لاحظنا بعض المفهرسين في هذه الحالة يكتبون: المسطرة مختلفة، وهذا لا يعطي فكرة للباحث عن المخطوط إطلاقا، فارتأينا أن نذكر معدّل عدد الأسطر بعد مراجعة أكثر من ورقة، أوّل المخطوط ووسطه وآخره.

ü الكلمات: نذكر العدد التقريبيّ ـ طبعا ـ للكلمات في السطر الواحد، ، حرصا على إعطاء صورة دقيقة عن المخطوط للباحث، بعد مراجعة أكثر من صفحتين في أوله ووسطه وآخره.

ü الورق: لم نظفر للأسف على المرجع الذي يمكّننا من معرفة تاريخ صناعة النوع من الورق، فاعتمدنا معلوماتنا البسيطة في الموضوع لوصفه، فإذا قلنا: قديم، أو صقيل، أيّ برّاق ودقيق، فهو من الصناعة العربيّة الأولى، في شاطبة أو بلاد الشام أو غيرهما، وإذا وصفناه بالأرقام مثلا: 8/1 ، فذلك عدد الألياف في الورقة، وتوجد حالات ذكرت في ندوة باريس 1999، عن تعدد وحدة الألياف، فتكون 8/3 ، أو أكثر أو أدنى، وهذه لم نصادفها في مخطوطاتنا. وقد نكتب الحروف المرسومة في الورقة، وميزة عدد الألياف والحروف المرسومة بالشفافية في الورقة، لو توفّر لدينا المرجع المسمّى "كتاب بريكي" هو ضبط مكان صنع الورق، وهو غالبا في إيطاليا، وزمن صنع هذا الورق، الذي يوصلنا إلى الزمن التقريبيّ لنسخ المخطوط، إذ أنّ الورق لا يلبث أكثر من ثلاثين عاما ويندثر، إن لم يستعمل. فيكون بذلك هامش التقريب ومجال الخطأ ثلاثين عاما، وهو غير كثير في مقابل مخطوط له قرون. وإذا قلنا ورق حديث، فهو من القرن 19 م، خال من الألياف. وإذا قلنا عصريّ، فهو مسطّر، من القرن 20 م. أمّا قولنا "عاد"، فهو ما لم نفحصه بعد.

ü المقاس: الوحدة هي المليمتر، وحرصنا على إدراج مقاس النصّ لأهمّيّته، إذ توجد بعض المخطوطات يكون النصّ فيها أقلّ من ثلث مساحة الصفحة، فقد يتوهّم الذي يطّلع على مقاس المخطوط ضخامته بينما هو غير ذلك.

ü التأطير: نذكره إذا وجد، فإذا قلنا: مؤطر، أي أنّ حول النصّ إطار واحد، وإذا أردفنا كلمة مؤطّر برقم 2 أو 3، فذلك يعني عدد الأطر حول النصّ المكتوب.

ü التجليد: معظم مخطوطات المكتبة القاسميّة ذات تجليد مغربي بسيط، فلم نول اهتماما كبيرا بهذا، إلاّ إذا كان التجليد من النوع الرفيع والجيّد، وهو المشرقي في الغالب، وصفناه بحسب الطاقة، وما لم نذكره فهو مغربيّ.

ü المراجع: قلّة المراجع، حملتني على أن أضع القارئ والباحث مكاني، ولاسيما إذا كان المخطوط بدون عنوان أو اسم مؤلّفه، ممّا جعلني أحاول قدر المستطاع توفير جهد الباحث في التوصّل إلى المراجع التي تناولت هذا المؤلّف أو هذا الكتاب، ليتفرّغ إلى ما هو أهمّ، من دراسة وتحقيق. فجعلت الترتيب الآتي:

§ المراجع الأولى، وهي التي تتعلّق بالمؤلّف، وبما أنّ فهرستنا هذه تضمّ لبعض المؤلّفين كثيرا من العناوين، وروما منّا للاختصار، اخترنا أن نذكر المراجع التي تتعلّق بالمؤلّف مرّة واحد في أحد عناوينه، ثمّ نحيل كلّ ما عرض كتاب له إلى العنوان الأوّل. مثال ذلك جلال الدين السيوطيّ، ذكرنا المراجع التي تترجم له في هامش كتاب تفسير الجلالين، وكلّما ورد عنوان آخر من تأليفه، ذكرنا المراجع التي تحدّثت عن هذا العنوان، ثمّ أحلنا بعد ذلك لبقيّة المراجع إلى تفسير الجلالين. ونفس الشيء لدى محمّد الديسيّ، ومصطفى البكريّ، وغير هؤلاء المكثرين.

§ وتأصيلا منّا للعمل، وزيادة في الفائدة، قمنا بالترجمة لأصحاب المتون المشروحة أو المحشّاة، بذكر أسمائهم الكاملة وتاريخ الميلاد والوفاة، مع ذكر المراجع. هذا إذا لم يكن لدينا لصاحب المتن تأليفا، أمّا إذا كان، فنحيل عليه. فربّما تجد في العنوان الواحد ثلاثة تراجم أو أكثر بمراجعها، لصاحب المتن، ولصاحب الشرح، ولصاحب الحاشية، ولصاحب التعليق أو التقييد.

§ تليها المراجع التي تتحدّث عن الكتاب، سواء بالتعريف به أو بذكر طبعه، والمعتمد فيها كشف الظنون، وذيله إيضاح المكنون، ومفتاح السعادة، وتاريخ بروكلمان، واكتفاء القنوع بما هو مطبوع لفنديك.

§ وأخيرا المراجع التي تذكر مكان وجود هذا المخطوط أو ذاك في المكتبات التي حزنا فهارسها، كمكتبة الجزائر، وتونس، والرباط، ومصر، والرياض، وصنعاء، وغيرها ممّا هو مذكور في قائمة المراجع، وما عدا ما ذكر، فعن الزركلي وبروكلمان، مع الملاحظة.

ü الإحالات: عدا الإحالات التي ذكرنا في فقرة المراجع، هناك نوعان من الإحالات تتعلّق بالعناوين، النوع الأوّل يلي عادة المتون، كمتن الآجروميّة مثلا، نتبعه بإحالة إلى شروحه المختلفة العناوين، ليدرك الباحث أنّ لهذا المتن في هذه الفهرسة أكثر من عشرة شروح، ونفس الأمر مع مختصر خليل، وأم البراهين، وغيرها. والنوع الثاني؛ وهو عكس الأوّل، يعني في حالة وجود الشرح وعدم وجود المتن مستقلاّ، والمتن في الحقيقة موجود ضمن الشرح، فنجعل الإحالة مثلا في حرف الفاء عن الفقه الأكبر لأبي حنيفة، إلى شرح الفقه الأكبر. وليقس ما لم يقل. كما وضعنا إحالات لبعض الكتب التي اشتهرت بغير عناوينها الصحيحة التي وضعها مؤلّفوها، مثال ذلك ما أشرنا إليه في فقرة العناوين. وإحالات على مراجع تراجم بعض المؤلّفين كما هو مبيّن في فقرة المؤلّف، وإحالات إلى وصف المخطوط كما هو آت في فقرة المجاميع.

ü المجاميع: من خلال عملنا في هذا المجال، توصّلنا إلى أنّ المجاميع على ثلاثة أنواع:

§ النوع الأوّل؛ بسيط، وهو في الحقيقة ليس من قبيل المجاميع، إذ يضمّ بين دفّتيه جزأين أو أكثر لكتاب واحد، كرحلة ابن بطوطة في هذه الفهرسة، ولاسيما إذا كان لناسخ واحد.

§ النوع الثاني؛ وهو الحقيق بأن يسمّى مجموعا، وهو ما كان فيه أكثر من كتاب، بل وقد تصل العناوين فيه إلى عشرين، أحيانا لمؤلّف واحد، وتارة لأكثر من مؤلّف. وأحيانا لموضوع واحد كالمنطق والفلك وغير ذلك، وربّما لأكثر من فنّ. وهذا؛ على أن يكون المجموع لنفس الناسخ، وفي نوع واحد من الورق، متّحد المسطرة والمقاييس، وغير ذلك من الوصف، وأن يكون قد نسخ في زمن متقارب، الفارق فيه يكون بالشهور فقط. وفي الحالة هذه، قمنا تفاديا للتكرار بوصفه مرّة واحدة، ثمّ نحيل في بقيّة عناوينه إلى أوّل عنوان فيه لمراجعة وصفه وما فيه من إضافات وما حوله من ملاحظات.

§ النوع الثالث؛ وهو ما أردت أن يُصطلح عليه بالمجموع المضموم، وهو ما لم أقف على من لاحظه في الفهارس التي راجعتها. وميزته هو أنّ السلف كانوا يجمعون الرسائل والكتيّبات خشية تلفها أو ضياعها، إلى بعضها البعض، ويقومون بتجليدها بين دفّتي مجلّد واحد. وتكون في هذه الحالة العناوين فيه مختلفة، ووصفها متباينا كل التباين، فربّما تجد فيه كتابا بخطّ نسخيّ كتب في القرن الثامن، يليه آخر بخطّ مغربي كتب في القرن الثاني عشر. وهنا يختلف الوصف اختلافا كليّا، ويستجدّ مع كلّ عنوان، ولا يبقى من معنى المجموع فيه إلاّ انضمام هذه الكتب إلى بعضها البعض في سفر واحد على يد ما وفي زمن متأخّر، وربّما حتّى في القرن العشرين. وهذه الحالة يجب مراعاتها بعناية فائقة، لأنّ كلّ عنوان مستقلّ بنفسه في شكله ومضمونه، والأصل فيه أنّه غير مجموع.

ü الترقيم: هذا المجال في الحقيقة يخصّ بالدرجة الأولى أمين المكتبة، ليتيسّر له البحث عن العنوان المطلوب من قبل الباحثين. وبدرجة ثانية لمن يريد تسجيله في بحثه. ولذلك كان موضعه آخر الوصف.

ü الفهارس: بما أنّ الفهرسة مرتبّة على حروف المعجم، تفادينا التكرار، وجعلنا كشّافا للعناوين حسب الفنون، كشّافا للمؤلّفين، أخّرنا فيه أسماء الذين لم نعثر لهم على ترجمة مطلقا، إلى ذيل الكشّاف، واكتفينا، باسم الشهرة، كالسيوطي أو الزمخشريّ أو التلمسانيّ، مثلا. وأردفنا هذا، بفهرسة للنسّاخ، قسمناها إلى جزأين، جزء للنسّاخ المغاربة، في ضمنهم الأندلسيّون، وجزء للمشارقة، وأعقبنا اسم الناسخ في هذا الأخير بذكر نوع خطّه، وجدوى هذا الفهرس لنا ولغيرنا، معرفة الفترة التي نسخ فيها المخطوط على الأقلّ، بوجه التقريب لا التحديد، من خلال اسم الناسخ، أو موضوع المخطوط، إذا اتّفق وأنّه نسخ عدّة مخطوطات لم يؤرّخ إلاّ في واحدة منها.

ü النسخ المحجوبة: وهذه الميزة ليست خاصّة بهذه المكتبة، وإنّما توجد في كثير من مكتبات العالم التي تحافظ على التراث الإنساني، وبالنسبة إلينا التراث الإسلاميّ. وهي نسخ لعناوين أغلبها معروف ومطبوع ومتداول، وإنّما حجبت من باب المحافظة عليها، نظرا إلى عاملين، أو حالتين، الأولى؛ وهي القدم، الذي لا يسمح معه باستخراج تلك النسخة مرّة بعد مرّة، وتعريضها للّمس والأشعّة، وبقيّة العوامل البشريّة والطبيعيّة التي تقضي عليها. والحالة الثانية؛ بالنسبة للنسخ المنمّقة، وإن كانت حديثة النسخ، فكثيرا ما رأينا الذين يندفعون إلى لمسها بما يقضي على بريقها وجمالها. ولذلك حجبت. وهذه النسخ أغلبها كتب الحديث كالبخاريّ ومسلم والشفاء، ودلائل الخيرات، وبعض الأحزاب، وما إلى ذلك.

وأخيرا؛ لقد حاولنا بهذا الوصف أن نعطي فكرة للباحث شبه تامّة عن المخطوط موضوع البحث والدراسة، كي لا يحتاج من بعد هذا إلاّ مطالعته وتحقيقه. والله الموفّق وهو الهادي إلى سواء السبيل.

نقلا عن كتاب {فهرسة مخطوطات المكتبة القاسمية} لمحمد فؤاد القاسمي الحسني،

صادر عن دار الغرب الإسلامي، بيروت،1427- 2006.

5-12